الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَإِخْوَانِهِ، أَلَا وَاتَّقُوا اللَّهَ عِبَادَ اللَّهِ حَقَّ التَّقْوَى، وَرَاقِبُوهُ فِي السِّرِّ وَالنَّجْوَى، وَاعْلَمُوا -رَحِمَكُمُ اللَّهُ-أَنَّ أَبْناءَنا وَبَناتِنا مُقْبِلونَ هذِهِ الأَيّامِ عَلى امْتِحاناتٍ هِيَ غايَةٌ في الأَهَمِّيَّةِ؛ لِأَنَّها تُحَدِّدُ مَسارَهُمُ العِلْمِيَّ، وَإِنّا وَإِنْ كُنّا نَتَحَدَّثُ عَنِ الطُّمَأْنِينَةِ وَالسَّكِينَةِ وَالرِّضا عَنِ اللهِ تَعالى الَّتي يَجِبُ عَلى أَبْنائِنا اسْتِصْحابُها أَيّامَ الامْتِحانِ، فَإِنَّنا نُهِيْبُ بِهِمْ أَنْ يَبْذُلُوا أَسْبابَ النَّجاحِ، وَأَنْ يَرْتَقُوا جِيادَها، مُسْتَمْسِكِينَ بِزِمامِها، مُتَوَكِّلِينَ عَلى اللهِ حَقَّ التَّوَكُّلِ، مُسْتَعِينِينَ بِهِ سُبْحانَهُ عَلى ما يَسْتَقْبِلُهُمْ مِنِ اخْتِباراتٍ، وَما يَنْتَظِرُهُمْ مِنِ امْتِحاناتٍ، فَقَدْ طُلِبَ مِنَ المُؤْمِنِينَ بَذْلُ الوُسْعِ في كُلِّ عَمَلٍ يَسْتَقْبِلُونَهُ، وَمِنْ ذلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: “وَأَعِدُّوا”، وَقَدْ أُمِرَتْ مَرْيَمُ العَذْراءُ بِهَزِّ جِذْعِ النَّخْلَةِ، وَقَدْ كانَتْ في حالَةِ مَخاضٍ، وَقُواها خائِرَةٌ، وَذلِكَ لِيُعَلِّمَنا اتِّخاذَ الأَسْبابِ. وَقَدْ تَعَلَّمْنا مِنْ هِجْرَةِ نَبِيِّنا الكَريمِ ﷺ اتِّخاذَ الأَسْبابِ، مَعَ أَنَّ مَعِيَّةَ اللهِ كانَتْ تُؤَيِّدُهُ وصاحبَهُ الصِّدِّيق رضي الله عنه، “إِذْ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحْزَنِ اِنَّ اَ۬للَّهَ مَعَنَا”، فَإِذا كانَ هذا حَبيبَ رَبِّ العالَمينَ، فَكَيفَ بِمَنْ هُوَ دونَهُ؟. فَاجْتَهِدُوا يا أَبْناءَنا وَجِدُّوا، وَاسْعَوْا، وَابْذُلُوا، فَأَنْتُمْ مُسْتَقْبَلُ هذِهِ البِلادِ، وَعَلى نَجاحِكُمْ تَتَعَلَّقُ الآمالُ، وَاللهَ نَسْأَلُ أَنْ يَجْعَلَ التَّوْفِيقَ حَليفَكُمْ، وَالنَّجاحَ رَفِيقَكُمْ، وَعَوْنَ الإِلهِ مَدَدَكُمْ، وَنَسْأَلُهُ أَنْ يُقِرَّ أَعْيُنَنَا بِتَأَلُّقِكُمْ وَنَجاحِكُمْ. ثُمّ صَلُّوا رَحِمَكُمُ اللَّه عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِ فَقَالَ: “اِنَّ اَ۬للَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَي اَ۬لنَّبِےٓءِۖ يَٰٓأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماًۖ “، اللَّهُمّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ، فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللَّهُمَّ زَيِّنَا بِزِينَةِ الإيمانِ، واجعلنا هُدَاةً مَهْدِيِّين، غَيْرَ ضَالِّينَ ولا مُضِلِّينَ. اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ بِما سَبَقَ في الأَزَلِ، فَحُفَّنا بِلُطْفِكَ فيما نَزَلَ، يا لَطِيفًا لَمْ يَزَلْ. اللَّهُمَّ احْفَظْ بَلَدَنَا الْجَزَائِرَ مِنْ كُلِّ سُوءٍ، وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، اللَّهُمَّ انْصُرْ عِبَادَكَ المُرَابِطِينَ المُجَاهِدِينَ فِي فَلَسْطِينَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ يَا رَبَّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَ كُنْ لَهُمْ عَوْناً وَنَصِيراً يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ، اللهُمَّ ارْحَمْ إِخْوَانَنَا المُسْتَضْعَفِينَ فِي غَزَّةَ، اللهُمَّ أَطْعِمْ جَائِعَهُمْ، وَاكْسُ عَارِيَهُمْ، وَاشْفِ مَرِيضَهُمْ، وَأَمِّنْ خَائِفَهُمْ، وَارْحَمْ مَيِّتَهُم، وَتَقَبَّلْ فِي أَعْلَى الدَّرَجَاتِ شَهِيدَهُم. اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى الصَّهَايِنَةِ المُحْتَلِّينَ الغَاصِبِينَ القَتَلَةِ المُجْرِمِينَ، اللَّهُمَّ لا تُحَقِّقْ لَهُمْ غايَةً، وَلا تَرْفَعْ لَهُمْ رايَةً، وَاجْعَلْهُمْ لِمَنْ خَلْفَهُمْ آيَةً، اللَّهُمَّ اكْسِرْ بِالْمُجَاهِدِينَ شَوْكَتَهُمْ، وَنَكِّسْ بِهِمْ رايَتَهُمْ، وَأَذِلَّ بِهِمْ قادَتَهُمْ، وَحُطَّ بِهِمْ هَيْبَتَهُمْ، وَأَزِلْ بِهِمْ دَوْلَتَهُمْ، يا رَبَّ العالَمينَ. رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.
الجزء الثاني والأخير من خطبة الجمعة من جامع الجزائر