– تصدعات وتشققات كبيرة في أغلب العمارات
– مطالب بهدم نصف بنايات العاصمة القديم
أضحت عمارات العاصمة القديمة تشكل خطرا كبيرا على حياة قاطنيها، لاسيما بعد تسجيل عدة حوادث انهيار أودت بحياة العديد من العائلات العاصمية، التي كانت تطمع في ترحيلها إلى سكنات لائقة ضمن برنامج الترحيل الذي تقوم به الولاية منذ 2014، غير أن ذلك لم يتحقق، آخرها 5 أفراد من عائلة واحدة الذين ماتوا تحت الأنقاض بالقصبة، وهو ما خلف حالة من الذعر والخوف وسط آلاف العائلات التي تعيش في نفس ظروف الضحايا، شأن العائلات القاطنة بمختلف العمارات بشارع “سيرفونتاس” ببلوزداد، الذين يناشدون السلطات المحلية التدخل من أجل انتشالهم من الجحيم الذي يعيشونه في سكنات قديمة آيلة للانهيار في أية لحظة.
روبورتاج: إسراء.أ
وتكشف يوميا تقارير المراقبة التقنية للبناء عن وجود سكان عديد البنايات بمختلف إقليم العاصمة، في خطر دائم، ومجرد زخات مطر قد تؤدي إلى انهيارها بشكل كلي، بسبب هشاشة بنيانها الذي يعود للعهد الاستعماري، ومنها للعهد العثماني.
سكان “سيرفونتاس” خائفون من تكرار سيناريو القصبة
وباتت بعض العمارات على مستوى شارع “سرفونتاس”، المعروف ببناياته القديمة الهشة، تهدد القاطنين فيها، أين وحسب شهادات العديد من السكان بالمنطقة، فإن العمارات تعرف حالة جد متقدمة من التصدعات والتشققات، في الأسقف والجدران، لقدمها، حيث يعود تاريخ تشييدها لعهد الأتراك، وهو ما ساهم في تدهورها وتآكلها مع مرور الوقت، مشيرين إلى أنهم باتوا مهددين بالموت تحت الأنقاض في أية لحظة، مثلما حدث مع ضحايا عمارة بالقصبة، التي راح ضحيتها 5 أفراد من عائلة واحدة، مشيرين في السياق ذاته، إلى أن العمارات باتت غير قابلة للسكن، غير أن أزمة السكن التي يتخبطون فيها لسنوات، وانعدام البديل، اضطرهم للمكوث فيها أكثر من خمسين سنة.
وأكد المتضررون، أن البنايات المتواجدة بهذا الشارع مصنفة في الخانة البرتقالية أو الحمراء، غير أن ذلك لم يشفع لهم عند السلطات الولائية التي تقوم بترحيل آلاف العائلات من القاطنين بالقصدير منذ 2014، في حين استثنتهم من العملية، هم والعديد من العائلات، بعد أن حرمت البلدية من كافة عمليات الترحيل التي عرفتها العاصمة، معرجين على حالة بعض العمارات منذ زلزال ماي 2003 أين تم تصنيفها ضمن تلك المهددة بالانهيار التي يمنع السكن فيها، بالإضافة إلى أن البلدية كانت قد وعدتهم بترحيلهم إلى سكنات لائقة وذلك بعد الزلزال بفترة قصيرة إلا أنها لم تف بوعودها بالرغم من أن المصالح التقنية صنفت العمارة ضمن الخانة الحمراء نظرا لخطورة الوضع، أما التشققات العميقة التي أصابت الجدران، فقد دفعت ببعض العائلات إلى مغادرة شققها للسكن في بيت الجيران بعدما انهار جزء من العمارة التي تسببت في تصدعات خطيرة أخرى بإحدى الغرف بالبناية ذاتها نتيجة تهديم بناية محاذية لها.
وبالموازاة مع ذلك، أشارت العائلات إلى أنها تعيش جحيما حقيقيا بسبب الانهيارات، وأبدت تخوفها من أن يكون مصير عمارتهم مماثلا للعمارة المذكورة سابقا نتيجة ما تتعرض له كل من الأسقف والجدران وتساقط شرفات البناية وهذا كلما تجمعت المياه بالسقف وتبدأ في النفاذ بتسربها إلى داخل الغرف حتى أصبحت الجدران والأسقف كلها تعاني الانهيار في أية لحظة فوق رؤوس ساكنيها، وهو ما تعكسه الاهتزازات المتتالية بمجرد مرور مركبات أو شاحنات، الأمر الذي، حسبهم، يزيد من تخوفهم من الردم تحت الأنقاض، وهو المشكل الذي دقت بشأنه العائلة ناقوس الخطر مطالبة السلطات الوصية على رأسها رئيس الجمهورية بالتدخل السريع لإنقاذهم من موت أكيد يتربص بهم في أية لحظة.
تخوفات من انهيار البنايات على المارة
وأشار سكان الحي إلى أنهم ليسوا هم فقط المهددين بالموت تحت الأنقاض، حيث حتى المارين من تحتها أصبحوا متخوفين من سقوط أجزاء من العمارات الهشة فوقهم، حيث كثيرا ما يتم تسجيل تهاو من حي لآخر، أجزاء من الشرفات فوق رؤوس المارة، فبات شبح الموت يطارد كل من مر أو توقّف بجنب تلك البنايات، موضحين بأنه وبالرغم من برنامج الترحيل الذي منح لولاية الجزائر، ما يزيد عن 84 ألف وحدة سكنية خصصت للسكن الاجتماعي الإيجاري، إلا أنه ما تزال كبرى شوارع العاصمة القديمة، في بلوزداد وحتى في بلديات أخرى كباب الوادي، حسين داي، الجزائر الوسطى، القصبة وغيرها من الأحياء، تسجل عشرات الضحايا بسبب الحالة الكارثية لتلك البنايات التي أغلبها برمج ضمن مخطط الترميم.
مشروع الترميم.. آلاف الملايير ذهبت هباء
وخلفت حادثة انهيار عمارة بالقصبة العتيقة، عدة تساؤلات حول مصير الملايير التي خصصت لمشروع ترميم البنايات القديمة بإقليم العاصمة عامة والقصبة خاصة، بعد أن تفاجأ السكان بانهيار عمارة لم تمر على ترميمها سوى أشهر قليلة، لتنهار فوق رؤوس سكانها، الذين كثيرا ما طالبوا وناشدوا ترحيلهم إلى سكنات لائقة، وهو ما خلق نوعا من الخوف لدى السكان في العديد من العمارات التي عرفت عمليات ترميم واسعة، في عدة بلديات، حيث عبروا عن استيائهم من المعايير التي استعملت خلال الترميم الذي لطالما تغنت به السلطات، آخرها حين منحت 26 ألف مليار سنتيم لشركة فرنسية “إيل دوفرانس” التي كلفت بترميم القصبة، وقبلها ملايير السنتيمات منحت لبرنامج الترميم في كامل بلديات العاصمة التي تضم بنايات قديمة.
وتخوف سكان عمارات بلدية بلوزداد، الذين لم يرحلوا واستفادت بناياتهم من أشغال الترميم، من تهاو عمارتهم، مثلما حدث مع ضحايا القصبة، لاسيما وأنهم سبق وأن تذمروا من إقصاء بلديتهم من الترحيل، واكتفائها بأشغال الترميم التي ما تزال متواصلة بكبرى شوارعها، مطالبين في السياق ذاته بضرورة إيقاف أشغال الترميم وإعادة النظر في ملفهم، والعمل على برمجتهم ضمن عمليات إعادة الإسكان المقبلة التي يحضر لها قريبا وفقا لآخر المعطيات التي نشرتها مصالح ولاية الجزائر عبر صفحتها الرسمية، كونهم باتوا لا يثقون في الأشغال التي كلفت بها شركة فرنسية ومهندسين أجانب.
ويطالب سكان بلوزداد وغيرهم من سكان بلديات العاصمة، بضرورة محاسبة المسؤولين عن أشغال الترميم، ومعاقبتهم نظرا للملايير التي صرفت هباء، وقد تودي بحياة آخرين إن استمرت الأشغال مستقبلا.
الموت تحت الأنقاض يهدد قاطني الهش بالعاصمة
وحسب شهادات العديد من الخبراء والمهندسين، الذين لا ينفكون عن دق ناقوس الخطر، بسبب ما تضمه العاصمة من “بنايات الموت” التي باتت تشكل مصدر رعب وخوف بشكل يومي للقاطنين بها، الذين لم يجدوا بديلا عنها، بعد أن حرموا من عمليات إعادة الإسكان بولاية الجزائر منذ انطلاقها، ومنهم من أُجبروا على البقاء فيها بعد أن برمجت بناياتهم للترميم، بينها البنايات المتواجدة على مستوى حسين داي، باب الوادي، حي القصبة العتيق، وغيرها من العمارات التي تشهد حالة من التصدع والهشاشة، وتشارف على الانهيار، لبلوغها درجات عالية من التشققات، الأمر الذي جعل السكان يعيشون في دوامة رعب خوفا على سلامتهم، حيث وحسبهم، فإن هذه الأخيرة باتت غير صالحة لإيواء الأشخاص، لما تحمله من خطر وتهديد دائمين على المواطنين الذين ضاقوا ذرعا بسكنهم، وسط تهديد قائم قد يودي بحياتهم ويعرضهم للخطر في أي وقت.
وبالحديث عن القصبة، فسكانها يعيشون على وقع صدمات بسبب حالات عديدة للانهيارات التي يتم تسجيلها دوريا، بحيث يواجهون خطر الانهيار في أي وقت، أين تشهد معظم البنايات هشاشة وتشققات بالغة وظاهرة، ما جعل هذه الأخيرة غير صالحة للسكن وتهدد سكانها بالانهيار في أي وقت، كون أغلب العمارات مصنفة في الخانة الحمراء والخطيرة، جراء ما أصابها من اهتراءات وتصدعات مما جعل المكوث والإقامة بها أمرا أشبه بالمستحيل، بسبب التهديد والخطر الذي تحمله لهم في كل يوم يقضونه فيها، أين يشتكي سكان القصبة مرارا من خطر الانهيار والتهديد الذي يلاحقهم ويتربص بهم، وخاصة عند سوء الأحوال الجوية والاضطرابات التي تجعل الخطر يتفاقم بتسربات المياه التي تشهدها البنايات، إضافة إلى أن المياه تساهم في هشاشة البنايات وتزيد من تصدعاتها ما يضاعف الخطر أكثر على السكان الذين طالبوا ويطالبون بشكل يومي السلطات المعنية بالنظر في أوضاعهم وترحيلهم نحو سكنات لائقة، غير أن هذه المطالب لم ترق للاستجابة، ليبقى هؤلاء يعانون الويلات داخل تلك الدويرات وكثيرا ما ينتهي بهم المطاف تحت الردوم، وهي المخاوف التي تطارد سكان البنايات بحسين داي وحتى المدنية وسيدي امحمد، الذين يناشدون انتشالهم من الجحيم، غير أن دار لقمان ما تزال على حالها، ووعود السلطات بترحيلهم ضمن برنامج الترحيل الذي ما يزال متواصلا باتت مجرد وعود كاذبة.
تحذيرات المهندسين لم تجدِ نفعا
وحسب عدد من المتتبعين للشأن المحلي، فإن مصالح ولاية الجزائر، لم تأخذ بعين الاعتبار تحذيرات العديد من المهندسين المعماريين الذين سبق وأن أكدوا أن 70 بالمائة من بنايات العاصمة هشة وقابلة للانهيار، بسبب قدم تشييدها الذي يعود للعهد الاستعماري، دون أن ننسى الوديان النائمة التي تضمها العاصمة، والتي أغلبها تقع تحت هذه البنايات وعمارات أخرى جديدة، فيما يبقى أي اهتزاز طفيف ليس من حركة الترامواي، وإنما من حركة هدم لجدران أو ما شابه سببا في سقوط واجهة، أو شرفة، نظرا لهشاشتها الكبيرة، مؤكدين أن اعتماد السلطات لبرنامج الترميم، كان بشكل غير صحيح، وذلك لغياب دفتر خاص بكل عمارة برمجت لعملية الترميم، يدون عليه كل المعلومات المتعلقة بها وكذا بعملية الترميم، كما يجب أن يكون حاضرا في عمليات الترميم خبير متمكن وذو أهلية، مع فرض الرقابة على معايير البناء، وهو ما يبدو أنه لم يطبق في أشغال الترميمات التي صرفت عليها الملايير من السنتيمات.