آثار المعاصي القلبية

آثار المعاصي القلبية

الكبائر إما أن تكون ظاهرة – وهي التي تكون بالجسد – وإما أن تكون باطنة – وهي التي تُفعَل بالقلب – ويقول ابن القيم رحمه الله: والمحرمات التي عليه – يعني القلب – أشد تحريمًا من الكبائر الظاهرة. إن للمعاصي القلبية آثارًا عظيمة؛ منها: أنها تمرض القلب، وهذا المرض يفسد به تصوُّره للحق وإرادته له، فلا يرى الحق حقًّا، أو يراه على خلاف ما هو عليه، أو ينقص إدراكه له، وتفسد به إرادته له، فيبغض الحق النافع، أو يحب الباطل الضارَّ، أو يجتمعان له وهو الغالب؛ ومنها: أنها قد تكون سببًا في سوء الخاتمة؛ يقول الإمام ابن رجب رحمه الله: خاتمة السوء تكون بسبب دسيسة باطنة لا يطَّلع عليها الناس. ومنها: أنها من أسباب الوقوع في الأمراض والأزمات النفسية، فما يعانيه كثير من الناس اليوم من قلق والآلام نفسية من أهم أسبابها الوقوع في المعاصي القلبية. ومنها: أنها من أسباب حرمان حلاوة الإيمان، ولذة الطاعة. فمن أراد أن يتجنب الوقوع في المعاصي القلبية، فعليه أن يعمُر قلبَه بالطاعات القلبية؛ كمحبة الله ورسوله علية الصلاة والسلام، والإخلاص، والتوكل، والخوف، والرجاء، والصبر، والرضا، والشكر، والصدق، والحياء، والإنابة، ونحوها، فهي سد منيع يحجز مَن امتلأ قلبه منها من الوقوع في المعاصي القلبية، وإن مما يعين المسلم على ذلك، بعد توفيق الله له، أمور؛ منها:

– قراءة القرآن الكريم بتدبر:  قال العلامة ابن القيم رحمه الله: فلا شيء أنفعُ للقلب من قراءة القرآن بالتدبر والتفكر، فإنه الذي يورث المحبة والشوق والخوف والرجاء والإنابة، والتوكل والرضا وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله.

– دوام ذكر الله عز وجل:  قال ابن القيم رحمه الله: من أراد محبة الله عز وجل، فليَلهج بذكره.

– طلب العلم الشرعي: قال الله عز وجل ” إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ” فاطر: 28، وهذا حصر لخشيته الكاملة في العلماء، فمن طلب العلم ونيَّته الانتفاع به، وتزكية نفسه، أورَثه العلم الخشيةَ والتعظيم لله.

– القراءة في سيرة أصحاب القلوب الربانية: في مقدمتهم نبيُّنا وقدوتنا محمدٌ صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، وسلفُ هذه الأمة وصالحوها.

– الدعاء والتضرع بصلاح القلب وزكاته: فقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: “اللهم إني أسالك قلبًا سليمًا” أخرجه أحمد.

ومن وقع في المعاصي القلبية، فينبغي له المبادرة بالتوبة منها؛ يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “وكثير من الناس لا يستحضر عند التوبة إلا بعض المتصفات بالفاحشة أو مقدماتها، أو بعض الظلم باللسان أو اليد”، والكلام عن المعاصي القلبية لا يعني التهوين أبدًا من المعاصي الجسدية، فلا بد من مجاهدة النفس في اجتناب المعاصي القلبية والجسدية معًا، وسرعة التوبة منها في حال الوقوع في شيء منها.

 

من موقع الالوكة الإسلامي